سلعه ثمنها الجنه
نور الهدايا :: الفئة الأولى :: اسلاميات
صفحة 1 من اصل 1
سلعه ثمنها الجنه
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله
ثم أما بعد :
فحياكم الله جميعا أيها الآباء الفضلاء وأيها الأخوة الكرام الأعزاء وطبتم جميعا وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلا . وأسأل الله العظيم الكريم جل وعلا الذي جمعنا وإياكم في هذا البيت المبارك على طاعته أن يجمعنا وإياكم مع سيد الدعاة المصطفى في جنته إنه ولى ذلك والقادر عليه .
أحبتي في الله .. (( سلعة ثمنها الجنة ))
هذا هو عنوان لقاءنا مع حضراتكم في هذا اليوم الأغر المبارك .. وكعادتنا فسوف ينتظم حديثنا مع حضراتكم تحت هذا العنوان في العناصر التالية :
أولاً : واقع مرير .
ثانياً : شرف الجهاد وفضله .
ثالثاً : صور مشرقة .
رابعاً : التولي كبيرة .
وأخيراً : لا عز إلا بالجهاد .
فأعيروني القلوب والأسماع فإن هذا الموضوع ، في هذه الآونة الحرجة من الأهمية بمكان ، والله أسأل أن يرزقنا الصواب والسداد والتوفيق ، وأن يجعل أقوالنا وأعمالنا خالصة لوجهه ، إنه ولى ذلك ومولاه ، وهو علي كل شيء قدير ..
أولاً : واقع مرير
لن أطيل الحديث في تشخيص الواقع المرير الذي تحياه الأمة في هذه الأيام ، فإن هذا الواقع معلوم للصغير قبل الكبير ، ومعلوم للقاصي قبل الداني ، فو الله إن العين لتدمع ، وإن القلب ليبكى ، وإنا لما حلَّ بالأمة لمحزونون .. لمحزونون .. لمحزونون
إن الناظر الآن إلى أمة الإسلام سيبكي دماً بدل الدمع إن كان ممن يتحرق قلبه على أحوال أمته الجريحة المسكينة .
إن الأمة قد ذلت بعد عزة !! وضعفت بعد قوة !! وجهلت بعد علم !! وأصبحت في ذيل القافلة الإنسانية بعد أن كانت الأمة تقود القافلة كلها بالأمس القريب بجدارة واقتدار !!
وأصبحت الأمة تتأرجح في سيرها .. بل ولا تعرف طريقها الذي يجب عليها أن تسلكه وأن تسير فيه ، بعد أن كانت الأمة بالأمس القريب ، الدليل الحاذق الأرب في الدروب المتشابكة .. في الصحراء المهلكة ، التي لا يهتدى في السير فيها إلا الإدلاء الأذكياء المجربون .
وأصبحت الأمة الآن تتسول على موائد الفكر الغربي !! بعد أن كانت الأمة بالأمس القريب منارة تهدى الحيارى والتائهين والضالين الذين أحرقهم لفح الهاجرة القاتل وأرهقهم طول المشي في التيه والظلام !!
فإن كان الله جل وعلا قد وصف الأمة في القرآن بالوسطية ، والوسطية هي الاعتدال بتفسير النبي فإننا نرى الأمة الآن قد تركت منهج الوسطية وجنحت إلى الشرق الملحد تارة وإلى الغرب الكافر تارة أخرى !!!
وإذا كان الله جل وعلا قد وصف الأمة في القرآن بالخيرية فقد علل الله خيريتها بهذه الشروط .. الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والإيمان بالله جل وعلا .. ولكنك ترى الأمة الآن _ إلا من رحم ربك جل وعلا _ من أبنائها من يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف ويشرك بالله جل وعلا على مرآي ومسمع ولا حول ولا قوة إلا بالله !! .
وإذا كان الله عز وجل قد وصف الأمة في القرآن بالوحدة إلا انك تري الأمة الآن قد تمزق شملها ، وقد تشَتَّت صفها ، وتقسمت الأمة إلى دوَل ، بل دويلات ، بل تفتتت الدويلات هي الأخرى إلى أجزاء .. بل وتقسمت الأجزاء من الدويلات هي الأخرى إلى أجزاء ووضع الاستعمار بين هذه الدويلات والجزئيات مسماراً عفناً نتناً ألا وهو مسمار الحدود ، يطرق عليه الاستعمار أو الأعداء بقوة من آن لآخر لتشتعل نار الفتن بين هذه الدويلات الصغيرة التي لا تحرك ساكناً ولم يعد يلتفت إليها الشرق الملحد أو الغرب الكافر .
لقد تحولت الأمة الآن إلى قصعة مستباحة من أذل وأخزى وأحقر أمم الأرض !! أصبحت الأمة الآن قصعة مستباحة لإخوات القردة والخنازير !! للصرب المجرمين . !! للملحدين الشيوعيين . !! لعبَّاد البقر الأنجاس . !! أذل الله الأمة الآن لمن كتب الله عليهم الذل والذلة والمهانة ، وأنا أتساءل معكم دوماً وأقول هل رأيتم أذل ممن أذلهم الله للأذل ؟ !!
لا والله . والسؤال الآن أيها الأحبة : مالذى أوصل الأمة إلى هذا الحال وإلى هذا الواقع المرير ؟ !!
والجواب في آية واحدة محكمة من كتاب الله جل وعلا :
إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ (الرعد: من الآية11)
ووالله لقد غيَّرت الأمة وبدَّلت .. في جانب العقيدة غيرت . !! في جانب العقيدة غيَّرت !!
وفي جانب التشريع تجرأت وتحدَّت ربها جل وعلا !!
أيها الأحبة :
غيرت الأمة في كل جانب من الجوانب إلا من رحم ربك جل وعلا فعانت من هذا الواقع المرير الذي أراه عدلا من الله جل وعلا ، إذ أن الله لا يحابى أحداً من الخلق بحال مهما ادَّعي لنفسه من مقومات المحاباة ..
أيها الأحبة … الداء شخَّصه النبي في كلمات دقيقة ، وحدَّد النبي لهذا الداء الدواء ، إذ لم يترك النبي الداء والدواء لأي داعية من الدعاة ليحدده على حسب نظرته أو على حسب هواه ..
فقال في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود من حديث ثوبان :
(( يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ، فقال قائل : (( من قلة نحن يومئذ ؟ قال : بل أنتم يومئذ كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم ، وليقذفن في قلوبكم الوهن ، قيل : وما الوهن يا رسول الله ؟ قال : حب الدنيا وكراهية الموت )) 1
هذا هو الداء ، وأكد النبي الداء في حديث آخر صحيح ، والحديث رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني وغيره قال :
((إذا تبايعت بالعينة ( نوع من أنواع البيوع الربوية المحرمة ) ورضيتم بالزرع وتبعتم أذناب البقر وتركتم الجهاد في سبيل الله سلَّط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم )) (2)
يوم أن حرَّفت الأمة الإيمان ، ونَخَرَ الفكر الإرجائى في جسد الأمة ، وشُوَّهَتْ العقيدة الصافية ، ودُنِّس صفاؤها ، وعُكر نقاؤها وانحرفت الأمة عن المعتقد الصحيح وعن حقيقة الإيمان التي قال عنها علماؤنا :
قول باللسان وتصديق بالجنان وعمل بالجوارح والأركان .
وانطلقت الأمة لتستغيث بغير الله ، ولتستعين بالشرق الملحد والغرب الكافر ولتذبح لغير الله ، ولتقدم النذور لغير الله ، ولتسأل الأموات من دون الله ، بل ولتنحنى شريعة الله جل وعلا ، وتركت بعد ذلك الجهاد في سبيل الله وأخلدت إلى الوحل والطين ، وعاش الناس يعبدون العروش والقروش وبذلوا كل ما يملكون حتى العقيدة من أجل الحفاظ على هذا الكرسي الزائل والمنصب الفاني ، ومن أجل إرضاء السادة والكبراء الذين أجلسوهم على هذه الكراسي ، ولعبوا بهم من وراء الكواليس كلعبة العرائس أو الدمى على مسرح يتلهى به الساقطون والسذج والرعاع .
لما أخلدت الأمة إلى الأرض ، وتركت الجهاد في سبيل الله ، سلَّط الله عليها إخوان القردة والخنازير والصرب الكفرة المجرمين والشيوعيين الملحدين وعبدة البقر والفئران .
وها أنتم ترون الصورة بهذا الواقع المرير ، وبهذا الظلام ، نسأل الله جل وعلا أن يسعد قلوبنا وإياكم بنصرة الإسلام وعز الموحدين
إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ (الرعد:11)
أيها المسلمون …
لا خروج من هذا الواقع المرير الذي تحياه الأمة الآن إلا إذا رفعت من جديد راية ذروة سنام الإسلام .
أنا أعلم الآن علم اليقين أن الحديث عن الجهاد أصبح جريمة .. أعلم ذلك يَقينا يل أصبح الحديث عن الجهاد يقابل بالاستنكار ، بل وأصبح الحديث الآن عن الجهاد يؤخذ عليها بالنواصي والأقدام ذلك أن الإعلام العميل شوَّه صورة الجهاد وطمس الإعلام الصورة المشرقة للجهاد لأنهم صوروا الجهاد على أنه القتل والاغتيال والإرهاب والجنازير والدماء من أناس ينقصهم العلم والفقه .. خلطوا بين هذه الصورة الهزلية والصورة المشرقة للجهاد .
لكن حقيقة الجهاد الذي أنادى به الآن إنما هو الجهاد في سبيل الله ضد أعداء الله وأعداء الأمة من الكافرين والمجرمين والملحدين .
ثانياً : شرف الجهاد وفضله
لقد أمر الله نبيه بالدعوة إليه ونادى عليه بقوله : يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ
فقام النبي ولم يقعد ولم ينم حتى لقه ربه جل وعلا ثم خاطبه بعد هذه المرحلة السرية بقوله عز وجل فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (الحجر:94)
فَصَدَعَ بأمر الله فدعا إلى الله الصغير والكبير .. الحر والعبد .. الذكر والأنثى .. الأحمر والأسود .
فأبرقت قريش وأرعدت وأزبدت ودقت طبول الحرب وأوعدت ، فلما إشتد الإيذاء والبلاء أمر النبي أصحابه أن يهاجروا إلى أرض الحبشة مرتين ، وتضاعف الإيذاء والابتلاء ومع هذا لم يأذن الله لرسوله بأن يقابل السيئة بالسيئة أو يواجه الأذى بالأذى أو يحارب هؤلاء الذين حاربوا الله ورسوله وفتنوا المؤمنين والمؤمنات ، بل أمره الله بالعفو والصفح كما قال الله تعالى : وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وقال سبحانه : فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
وقال سبحانه : فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ
وقال تعالى :
ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (المؤمنون:96)
وتتابع الأذى والاضطهاد حتى بلغ قمته بتدبير مؤامرة حقيرة لاغتيال رسول الله فاضطر النبي إلى الهجرة من مكة إلى المدينة ، وأمر أصحابه بالهجرة إليها بعد ثلاث عشرة سنة من البعثة .
فلما استقر رسول الله بالمدينة وأيده الله بنصره بعبادة المؤمنين من الأنصار الأبرار والمهاجرين الأطهار وألَّف الله به بين قلوبهم وبذلوا نفوسهم دونه ، وقدَّموا محبته على محبة الأباء والأبناء والأزواج ، وأسَّس الرسول في المدينة للإسلام دولة أقول وأصبح للإسلام دولة بكل ما تحمله كلمة دولة من معنى ، قائد .. جيش .. رجال .. قوة .. أرض .. وأصبح للإسلام دولة وهنا – بل وهنا فقط – أذن للنبي والمؤمنين معه بالقتال ولم يفرض القتال عليهم ، بل أذن لهم في صد العدوان لتأمين الدعوة وتأمين النفس فقال جل وعلا :
أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (الحج:41,39)
أذن الله في صد العدوان في القتال لتأمين الدعوة وحماية النفس ولم يفرض الله القتال على النبي وأصحابه .
وفى السنة الثانية من الهجرة فرض الله القتال بقوله تعالى :
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (البقرة:216)
وهنا أصبح القتال فرضاً على النبي والمؤمنين معه والمؤمنين من بعده إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها . ولا تصدقوا الكاذبين والأفاكين والمجرمين الذين أرادوا أن يميتوا الجهاد ، فأن الجهاد مامات ولم يمت ولن يموت بإذن الله .
أسأل الله جل وعلا أن يسعدنا بنصرة الإسلام وعز الموحدين وبيَّن الله شرف الجهاد بعد ذلك وحث الله المؤمنين على الجهاد فقال جل وعلا :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (الصف:10-13)
هل تصدقون ربنا رب العالمين .. هذا كلام ربنا .
وانتبهوا يا شباب الصحوة أمر الله قبل الجهاد بالإيمان – يأمر الله أهل الإيمان – لأنه خاطبهم فقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) يأمرهم الله بالإيمان ( تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ )
أيها الأحبة
والله الذي لا إله غيره لن نرى للإسلام جولة ، ولن نرى حاكمية تظللها الشريعة إلا إذا حققنا الإيمان ابتداءاً .. وإلا إذا ربَّينا الناس على عقيدة التوحيد بصفائها وشمولها وكمالها ..
يا أيها المسلمون :
الإسلام عقيدة .. لبنة الأساس العقيدة .. والخطوة الأولى العقيدة .. الإسلام عقيدة تنبثق منها شريعة ، تنظم هذه الشريعة كل نظم الحياة ، ولا يقبل الله من قوم شريعتهم إلا إذا صحت عقيدتهم .
مُحَالٌ والله أن نرى ما نحلم به إلا بمثل ما بدأ به المصطفى التربية .. العقيدة أولا .
يا أيها الشباب لا تتعجل .
لا تقل أيها الشباب : هل أنت تريد مناَّ الآن أن نبدأ التربية من جديد على العقيدة والأمة تضرب بالنعال ؟!
أقول لك بملأ فمي وأعلى صوتي : لن تجنى ثمرة على الإطلاق ، إن عشت ألف سنة إلا إذا تربيت من جديد على العقيدة بصفائها ونقائها وشمولها وأنت لست مسئولا عن النتيجة .. الله لن يسألك عن النتيجة إنما سيسألك عن العمل .
وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (التوبة:105)
لن يسألك الله عن نتيجة الدعوة ، ولن يسألك عن نتيجة العمل ما عليك الآن إلا الدعوة بالموعظة الحسنة والحكمة البالغة ، أما أن يهتدى الفاعل أو لا فليس هذا من شأنك ، ليس هذا من شأن العبيد ، إنما هو من شأن العزيز الحميد .
خاطب الله جل وعلا إمام الدعاة وسيد النبيين بقوله :
لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ (البقرة: من الآية272)
إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ (الرعد: من الآية7)
إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ (الشورى: من الآية48) يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ (المائدة: من الآية67)
وظيفته البلاغ .. النذارة .. البشارة .. هذه هي وظيفة إمام الدعاة أما النتائج ليست لنا .. تترك النتائج إلى الله .. ولو مت ولم ترى دولة الإسلام وذلت ما في وسعك لدين الله عز وجل فقد أعذرت أنت بنفسك بين يدي الله جل وعلا
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ )
( تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) الإيمان بالله .. وأتمنى أن لو إستفادت الحركة الإسلامية من أخطائها على أرض الواقع .. بكل أسف الحركة الإسلامية ما استفادت من أخطائها على أرض الواقع إلى يومنا هذا !!
انظروا إلى واقع أفغانستان ، وإلى ما يجرى الآن على أرض أفغانستان من صراعات ودماء .. لما لم يتربى المجاهدون الأفغان على العقيدة الصحيحة في صفائها وشمولها صوَّبوا بعد ذلك السلاح في صدورهم بعضهم البعض ، وهذا واقع لا نستحي من إعلانه ابداً ، وإنما في إعلاننا له نؤكد سنةً ربانيةً لله في كونه ، لا تحابى هذه السنة أحداً من الخلق .. لابد من التربية على العقيدة الصحيحة ..
ثم أما بعد :
فحياكم الله جميعا أيها الآباء الفضلاء وأيها الأخوة الكرام الأعزاء وطبتم جميعا وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلا . وأسأل الله العظيم الكريم جل وعلا الذي جمعنا وإياكم في هذا البيت المبارك على طاعته أن يجمعنا وإياكم مع سيد الدعاة المصطفى في جنته إنه ولى ذلك والقادر عليه .
أحبتي في الله .. (( سلعة ثمنها الجنة ))
هذا هو عنوان لقاءنا مع حضراتكم في هذا اليوم الأغر المبارك .. وكعادتنا فسوف ينتظم حديثنا مع حضراتكم تحت هذا العنوان في العناصر التالية :
أولاً : واقع مرير .
ثانياً : شرف الجهاد وفضله .
ثالثاً : صور مشرقة .
رابعاً : التولي كبيرة .
وأخيراً : لا عز إلا بالجهاد .
فأعيروني القلوب والأسماع فإن هذا الموضوع ، في هذه الآونة الحرجة من الأهمية بمكان ، والله أسأل أن يرزقنا الصواب والسداد والتوفيق ، وأن يجعل أقوالنا وأعمالنا خالصة لوجهه ، إنه ولى ذلك ومولاه ، وهو علي كل شيء قدير ..
أولاً : واقع مرير
لن أطيل الحديث في تشخيص الواقع المرير الذي تحياه الأمة في هذه الأيام ، فإن هذا الواقع معلوم للصغير قبل الكبير ، ومعلوم للقاصي قبل الداني ، فو الله إن العين لتدمع ، وإن القلب ليبكى ، وإنا لما حلَّ بالأمة لمحزونون .. لمحزونون .. لمحزونون
إن الناظر الآن إلى أمة الإسلام سيبكي دماً بدل الدمع إن كان ممن يتحرق قلبه على أحوال أمته الجريحة المسكينة .
إن الأمة قد ذلت بعد عزة !! وضعفت بعد قوة !! وجهلت بعد علم !! وأصبحت في ذيل القافلة الإنسانية بعد أن كانت الأمة تقود القافلة كلها بالأمس القريب بجدارة واقتدار !!
وأصبحت الأمة تتأرجح في سيرها .. بل ولا تعرف طريقها الذي يجب عليها أن تسلكه وأن تسير فيه ، بعد أن كانت الأمة بالأمس القريب ، الدليل الحاذق الأرب في الدروب المتشابكة .. في الصحراء المهلكة ، التي لا يهتدى في السير فيها إلا الإدلاء الأذكياء المجربون .
وأصبحت الأمة الآن تتسول على موائد الفكر الغربي !! بعد أن كانت الأمة بالأمس القريب منارة تهدى الحيارى والتائهين والضالين الذين أحرقهم لفح الهاجرة القاتل وأرهقهم طول المشي في التيه والظلام !!
فإن كان الله جل وعلا قد وصف الأمة في القرآن بالوسطية ، والوسطية هي الاعتدال بتفسير النبي فإننا نرى الأمة الآن قد تركت منهج الوسطية وجنحت إلى الشرق الملحد تارة وإلى الغرب الكافر تارة أخرى !!!
وإذا كان الله جل وعلا قد وصف الأمة في القرآن بالخيرية فقد علل الله خيريتها بهذه الشروط .. الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والإيمان بالله جل وعلا .. ولكنك ترى الأمة الآن _ إلا من رحم ربك جل وعلا _ من أبنائها من يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف ويشرك بالله جل وعلا على مرآي ومسمع ولا حول ولا قوة إلا بالله !! .
وإذا كان الله عز وجل قد وصف الأمة في القرآن بالوحدة إلا انك تري الأمة الآن قد تمزق شملها ، وقد تشَتَّت صفها ، وتقسمت الأمة إلى دوَل ، بل دويلات ، بل تفتتت الدويلات هي الأخرى إلى أجزاء .. بل وتقسمت الأجزاء من الدويلات هي الأخرى إلى أجزاء ووضع الاستعمار بين هذه الدويلات والجزئيات مسماراً عفناً نتناً ألا وهو مسمار الحدود ، يطرق عليه الاستعمار أو الأعداء بقوة من آن لآخر لتشتعل نار الفتن بين هذه الدويلات الصغيرة التي لا تحرك ساكناً ولم يعد يلتفت إليها الشرق الملحد أو الغرب الكافر .
لقد تحولت الأمة الآن إلى قصعة مستباحة من أذل وأخزى وأحقر أمم الأرض !! أصبحت الأمة الآن قصعة مستباحة لإخوات القردة والخنازير !! للصرب المجرمين . !! للملحدين الشيوعيين . !! لعبَّاد البقر الأنجاس . !! أذل الله الأمة الآن لمن كتب الله عليهم الذل والذلة والمهانة ، وأنا أتساءل معكم دوماً وأقول هل رأيتم أذل ممن أذلهم الله للأذل ؟ !!
لا والله . والسؤال الآن أيها الأحبة : مالذى أوصل الأمة إلى هذا الحال وإلى هذا الواقع المرير ؟ !!
والجواب في آية واحدة محكمة من كتاب الله جل وعلا :
إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ (الرعد: من الآية11)
ووالله لقد غيَّرت الأمة وبدَّلت .. في جانب العقيدة غيرت . !! في جانب العقيدة غيَّرت !!
وفي جانب التشريع تجرأت وتحدَّت ربها جل وعلا !!
أيها الأحبة :
غيرت الأمة في كل جانب من الجوانب إلا من رحم ربك جل وعلا فعانت من هذا الواقع المرير الذي أراه عدلا من الله جل وعلا ، إذ أن الله لا يحابى أحداً من الخلق بحال مهما ادَّعي لنفسه من مقومات المحاباة ..
أيها الأحبة … الداء شخَّصه النبي في كلمات دقيقة ، وحدَّد النبي لهذا الداء الدواء ، إذ لم يترك النبي الداء والدواء لأي داعية من الدعاة ليحدده على حسب نظرته أو على حسب هواه ..
فقال في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود من حديث ثوبان :
(( يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ، فقال قائل : (( من قلة نحن يومئذ ؟ قال : بل أنتم يومئذ كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم ، وليقذفن في قلوبكم الوهن ، قيل : وما الوهن يا رسول الله ؟ قال : حب الدنيا وكراهية الموت )) 1
هذا هو الداء ، وأكد النبي الداء في حديث آخر صحيح ، والحديث رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني وغيره قال :
((إذا تبايعت بالعينة ( نوع من أنواع البيوع الربوية المحرمة ) ورضيتم بالزرع وتبعتم أذناب البقر وتركتم الجهاد في سبيل الله سلَّط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم )) (2)
يوم أن حرَّفت الأمة الإيمان ، ونَخَرَ الفكر الإرجائى في جسد الأمة ، وشُوَّهَتْ العقيدة الصافية ، ودُنِّس صفاؤها ، وعُكر نقاؤها وانحرفت الأمة عن المعتقد الصحيح وعن حقيقة الإيمان التي قال عنها علماؤنا :
قول باللسان وتصديق بالجنان وعمل بالجوارح والأركان .
وانطلقت الأمة لتستغيث بغير الله ، ولتستعين بالشرق الملحد والغرب الكافر ولتذبح لغير الله ، ولتقدم النذور لغير الله ، ولتسأل الأموات من دون الله ، بل ولتنحنى شريعة الله جل وعلا ، وتركت بعد ذلك الجهاد في سبيل الله وأخلدت إلى الوحل والطين ، وعاش الناس يعبدون العروش والقروش وبذلوا كل ما يملكون حتى العقيدة من أجل الحفاظ على هذا الكرسي الزائل والمنصب الفاني ، ومن أجل إرضاء السادة والكبراء الذين أجلسوهم على هذه الكراسي ، ولعبوا بهم من وراء الكواليس كلعبة العرائس أو الدمى على مسرح يتلهى به الساقطون والسذج والرعاع .
لما أخلدت الأمة إلى الأرض ، وتركت الجهاد في سبيل الله ، سلَّط الله عليها إخوان القردة والخنازير والصرب الكفرة المجرمين والشيوعيين الملحدين وعبدة البقر والفئران .
وها أنتم ترون الصورة بهذا الواقع المرير ، وبهذا الظلام ، نسأل الله جل وعلا أن يسعد قلوبنا وإياكم بنصرة الإسلام وعز الموحدين
إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ (الرعد:11)
أيها المسلمون …
لا خروج من هذا الواقع المرير الذي تحياه الأمة الآن إلا إذا رفعت من جديد راية ذروة سنام الإسلام .
أنا أعلم الآن علم اليقين أن الحديث عن الجهاد أصبح جريمة .. أعلم ذلك يَقينا يل أصبح الحديث عن الجهاد يقابل بالاستنكار ، بل وأصبح الحديث الآن عن الجهاد يؤخذ عليها بالنواصي والأقدام ذلك أن الإعلام العميل شوَّه صورة الجهاد وطمس الإعلام الصورة المشرقة للجهاد لأنهم صوروا الجهاد على أنه القتل والاغتيال والإرهاب والجنازير والدماء من أناس ينقصهم العلم والفقه .. خلطوا بين هذه الصورة الهزلية والصورة المشرقة للجهاد .
لكن حقيقة الجهاد الذي أنادى به الآن إنما هو الجهاد في سبيل الله ضد أعداء الله وأعداء الأمة من الكافرين والمجرمين والملحدين .
ثانياً : شرف الجهاد وفضله
لقد أمر الله نبيه بالدعوة إليه ونادى عليه بقوله : يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ
فقام النبي ولم يقعد ولم ينم حتى لقه ربه جل وعلا ثم خاطبه بعد هذه المرحلة السرية بقوله عز وجل فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (الحجر:94)
فَصَدَعَ بأمر الله فدعا إلى الله الصغير والكبير .. الحر والعبد .. الذكر والأنثى .. الأحمر والأسود .
فأبرقت قريش وأرعدت وأزبدت ودقت طبول الحرب وأوعدت ، فلما إشتد الإيذاء والبلاء أمر النبي أصحابه أن يهاجروا إلى أرض الحبشة مرتين ، وتضاعف الإيذاء والابتلاء ومع هذا لم يأذن الله لرسوله بأن يقابل السيئة بالسيئة أو يواجه الأذى بالأذى أو يحارب هؤلاء الذين حاربوا الله ورسوله وفتنوا المؤمنين والمؤمنات ، بل أمره الله بالعفو والصفح كما قال الله تعالى : وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وقال سبحانه : فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
وقال سبحانه : فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ
وقال تعالى :
ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (المؤمنون:96)
وتتابع الأذى والاضطهاد حتى بلغ قمته بتدبير مؤامرة حقيرة لاغتيال رسول الله فاضطر النبي إلى الهجرة من مكة إلى المدينة ، وأمر أصحابه بالهجرة إليها بعد ثلاث عشرة سنة من البعثة .
فلما استقر رسول الله بالمدينة وأيده الله بنصره بعبادة المؤمنين من الأنصار الأبرار والمهاجرين الأطهار وألَّف الله به بين قلوبهم وبذلوا نفوسهم دونه ، وقدَّموا محبته على محبة الأباء والأبناء والأزواج ، وأسَّس الرسول في المدينة للإسلام دولة أقول وأصبح للإسلام دولة بكل ما تحمله كلمة دولة من معنى ، قائد .. جيش .. رجال .. قوة .. أرض .. وأصبح للإسلام دولة وهنا – بل وهنا فقط – أذن للنبي والمؤمنين معه بالقتال ولم يفرض القتال عليهم ، بل أذن لهم في صد العدوان لتأمين الدعوة وتأمين النفس فقال جل وعلا :
أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (الحج:41,39)
أذن الله في صد العدوان في القتال لتأمين الدعوة وحماية النفس ولم يفرض الله القتال على النبي وأصحابه .
وفى السنة الثانية من الهجرة فرض الله القتال بقوله تعالى :
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (البقرة:216)
وهنا أصبح القتال فرضاً على النبي والمؤمنين معه والمؤمنين من بعده إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها . ولا تصدقوا الكاذبين والأفاكين والمجرمين الذين أرادوا أن يميتوا الجهاد ، فأن الجهاد مامات ولم يمت ولن يموت بإذن الله .
أسأل الله جل وعلا أن يسعدنا بنصرة الإسلام وعز الموحدين وبيَّن الله شرف الجهاد بعد ذلك وحث الله المؤمنين على الجهاد فقال جل وعلا :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (الصف:10-13)
هل تصدقون ربنا رب العالمين .. هذا كلام ربنا .
وانتبهوا يا شباب الصحوة أمر الله قبل الجهاد بالإيمان – يأمر الله أهل الإيمان – لأنه خاطبهم فقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) يأمرهم الله بالإيمان ( تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ )
أيها الأحبة
والله الذي لا إله غيره لن نرى للإسلام جولة ، ولن نرى حاكمية تظللها الشريعة إلا إذا حققنا الإيمان ابتداءاً .. وإلا إذا ربَّينا الناس على عقيدة التوحيد بصفائها وشمولها وكمالها ..
يا أيها المسلمون :
الإسلام عقيدة .. لبنة الأساس العقيدة .. والخطوة الأولى العقيدة .. الإسلام عقيدة تنبثق منها شريعة ، تنظم هذه الشريعة كل نظم الحياة ، ولا يقبل الله من قوم شريعتهم إلا إذا صحت عقيدتهم .
مُحَالٌ والله أن نرى ما نحلم به إلا بمثل ما بدأ به المصطفى التربية .. العقيدة أولا .
يا أيها الشباب لا تتعجل .
لا تقل أيها الشباب : هل أنت تريد مناَّ الآن أن نبدأ التربية من جديد على العقيدة والأمة تضرب بالنعال ؟!
أقول لك بملأ فمي وأعلى صوتي : لن تجنى ثمرة على الإطلاق ، إن عشت ألف سنة إلا إذا تربيت من جديد على العقيدة بصفائها ونقائها وشمولها وأنت لست مسئولا عن النتيجة .. الله لن يسألك عن النتيجة إنما سيسألك عن العمل .
وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (التوبة:105)
لن يسألك الله عن نتيجة الدعوة ، ولن يسألك عن نتيجة العمل ما عليك الآن إلا الدعوة بالموعظة الحسنة والحكمة البالغة ، أما أن يهتدى الفاعل أو لا فليس هذا من شأنك ، ليس هذا من شأن العبيد ، إنما هو من شأن العزيز الحميد .
خاطب الله جل وعلا إمام الدعاة وسيد النبيين بقوله :
لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ (البقرة: من الآية272)
إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ (الرعد: من الآية7)
إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ (الشورى: من الآية48) يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ (المائدة: من الآية67)
وظيفته البلاغ .. النذارة .. البشارة .. هذه هي وظيفة إمام الدعاة أما النتائج ليست لنا .. تترك النتائج إلى الله .. ولو مت ولم ترى دولة الإسلام وذلت ما في وسعك لدين الله عز وجل فقد أعذرت أنت بنفسك بين يدي الله جل وعلا
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ )
( تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) الإيمان بالله .. وأتمنى أن لو إستفادت الحركة الإسلامية من أخطائها على أرض الواقع .. بكل أسف الحركة الإسلامية ما استفادت من أخطائها على أرض الواقع إلى يومنا هذا !!
انظروا إلى واقع أفغانستان ، وإلى ما يجرى الآن على أرض أفغانستان من صراعات ودماء .. لما لم يتربى المجاهدون الأفغان على العقيدة الصحيحة في صفائها وشمولها صوَّبوا بعد ذلك السلاح في صدورهم بعضهم البعض ، وهذا واقع لا نستحي من إعلانه ابداً ، وإنما في إعلاننا له نؤكد سنةً ربانيةً لله في كونه ، لا تحابى هذه السنة أحداً من الخلق .. لابد من التربية على العقيدة الصحيحة ..
نور الهدايا :: الفئة الأولى :: اسلاميات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى