سيف الله المسلول
صفحة 1 من اصل 1
سيف الله المسلول
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريط له، وأشهد أن محمداً عبده، ورسوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} سورة آل عمران: 102.
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} سورة النساء: 1
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} سورة الأحزاب: 70 ، 71.
أما بعد .. فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد r وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة فى النار، ثم أما بعد: فحياكم الله أيها الأخوة الفضلاء وأيتها الأخوات الفضليات وطبتم جميعاً وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلاً، وأسأل الله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجمعنا فى هذه الدنيا دائماً وأبدا على طاعته أن يجمعنا فى الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى فى جنته ودار مقامته إنه ولى ذلك والقادر عليه. آه يا مسلمون.
آه يا مسلمون ! متنا قرونا
أى شئ فى عالم الغاب نحن
نحن لحم للوحش والطير منا
وعلى المحصنات تبكى البواكى
قد هوينا لما هوت
واقتلعنا الإيمان فاسودت
وإذا الجذر مات فى باطن الأرض
والمحاق الأعمى يليه محاق
آدميون أم نعاج تساق
الجثث الحمر والدم الدفاق
يا لعرض الإسلام كيف يراق
واعدوا من الردى ترياق
الدنيا علينا واسودت الأعماق
تموت الأغصان والأوراق
آه يا مسلمون
القدس تباد والعالم
القدس تباد والعالم
القدس من دولة المجد عثمـ
القدس من قلب مكة بالتو
تركوها وما حولها كلاب اليهود
تركوها وحولها من كلاب اليهود
قدمتها للصلبان لليهود قربانا
والله لو فعلنا باليهود ما فعلوه
قد حفظنا للمرة الألف عنكم
كله خسة وخيانة ونفاق
كله خسة وخيانة ونفاق
ان أبوها والفاتح العملاق
حيد يعلو لواؤها الخفاق
طوقا من خلفه أطواق
طوقا من خلفه أطواق
قربانا .. ولليهود كلهم عشاقا
لرأينا مثل الذى رآه العراق
عالم الغاب ما له ميثاق
واقع ينزف طفل لا يعلم أين ذهب أبوه ولا أين ذهبت أمه ولا أين ذهب إخوانه طفل فى الثانية من عمره ينظر إلى السماء التى حولها السلاح الأمريكي إلى نهار مضئ فهو يتساءل ما هذه الأنوار فى سماء الليل المظلم؟
من الذى حول مساء فلسطين المظلمة إلى نهار مشرق، النيران المتأججة المتوهجة وهو لا يدرى أن الصواريخ والطائرات والدبابات قد حولت هذا الظلام الدامس بنيران متأججة. ثم ينظر فيرى أشلاء أمه تتناثر، ويري أشلاء أبيه تتمزق ويرى دماء إخوانه تسيل فى كل واد، فيخرج الطفل مذعوراً مفزوعاً يخرج إلى الشوارع والطرقات فيري جندياً يهودياً يقابله بهذا المدفع الرشاش، أو بهذه الدبابة بل بأعداد من الدبابات!!
لا أقول: انبعثت رائحة جثث إخواننا من الشهداء أسأل الله أن يتقبلهم عنده فى الشهداء بل انبعثت رائحة الخيانة من أين؟ من تحت الانقاض من المقابر الجماعية ذات الصنع اليهودى المحكم.
لن تستطيع قوة أن تحصر عدد القتلى أو عدد الشهداء فلقد دفنت الجثث بصورة جماعية فى مقابر جماعية، وهالوا على هذه الجثث الزكية التراب من الرجال والنساء والأطفال فأحببت فى ظل هذا الواقع المر الأليم أن أذكر بهذا الذى جعله المصطفى ذروة سنام الإسلام، حيث قال لمعاذ بن جبل كما فى سنن الترمذى بسند صحيح: " ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه". قال بلى يا رسول الله قا المصطفى:" رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد فى سبيل الله"() أحببت أن أذكر بهذا الشرف شبابنا وأولادنا وأمتنا وأنا أؤكد لحضراتكم بأنه لا يوجد شر محض كما ذكرت فى دروس العقيدة شاء الله بهذه الفتنة فى هذه الأيام حينما دخل المجرم شارون المسجد الأقصى شاء الله بهذا الحدث أن تعلم الأمة كلها حقيقة اليهود وشاء الله بهذا الحدث أن بذكر علماء الأمة بإجرام اليهود وأن يبينوا عقيدة الولاء والبراء وأن يذكروا من جديد بالجهاد فى سبيل الله.
أسأل الله أن يرفع علمه إنه ولى ذلك ومولاه
تعالوا لنعيش اليوم مع علم من اعلام الجهاد إنه عالم وحده فى فن القيادة وإدارة الحروب إنه قائد المجاهدين وأستاذ فن الحروب والميادين الفاتك بالمسلمين يوم أحد، والفاتك بأعداء الإسلام بقية الأيام، إنه فارس الإسلام والمسلمين إنه سيف من سيوف رب العالمين بشهادة سيد المرسلين، إنه ترياق وساوس الشياطين بشهادة الصديق الأمين إنه الفارس الرشيد، إنه البطل العنيد إنه خالد ابن الوليد.
ماذا يعرف شبابنا عن خالد؟ بل وماذا تعرف الأمة عن خالد فى زمن تعلم فيه أولادنا وأبناؤنا فى الجامعات تاريخ الأقزام بل وتاريخ المجرمين، فأولادنا الآن يعرفون بسمارك ويعرفون ستالين ويعرفون هتلر ويعرفون لينين ويعرفون شارون ويعرفون كل المجرمين من القادة الخبثاء.
فماذا يعرف شبابنا عن قائد القادة وأستاذ فن الحروب الذى وقف القادة أمام مورد خالد الخالد لينهلوا منه فن القيادة وإدارة الحروب ماذا يعرف شبابنا عن خالد فى زمن يتربى فيه أولادنا على سير الساقطين وأحوال الهابطين ممن يقدمون الآن لأولادنا ليكونوا القدوة والمثال.
خالد بن الوليد نشأ فى بيئة غنية مترفة فلك أن تعلم أيها الأخ الفاضل أن والد خالد هو الوليد بن المغيرة الذى كان أغنى أبناء زمانه بلا نزاع فهو الذى توعده الله فى قرآنه بسورة المدثر بقوله: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَّمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا * وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا * {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} (11 ، 17) سورة المدثر
إلى أخر الآيات من هذا الرجل إنه والد خالد بن الوليد، الوليد بن المغيرة فى هذه البيئة الغنية نشأ خالد لكنه راض وعود نفسه على الرجولة والفروسية والخشونة والبطولة، فكان يترك هذه البيئة، ليركب فرسه وجواده ليشق به الوديان وليصعد به الجبال والقمم حتى صار فارساً لا يشق له غبار إلا أنه فى الوقت ذاته ورث الكره الشديد للإسلام عن أبيه فخالد هو قائد الميمنة فى غزوة أحد هو الذى باغت الرماة الذين خالفوا أمر رسول الله r مباغتة أذهلتهم بل وأذهلت المسلمين بل وتشتت الجمع والشمل وتحول النصر إلى هزيمة حتى جرح المصطفى وشق وجهه وكسرت رباعيته ودخلت حلقات المغفر فى وجهه الشريف r .
جديداً مع المصطفى وأصحابه فى المدينة وانظر إلى فضل الله على خالد بعد ثلاثة أشهر فقط، أو أقل يخرج خالد بن الوليد للمرة الأولى جندياً فى كتائب التوحيد والإيمان بعد أن كان من ثلاثة اشهر فقط قائداً من قواد جيش الشرك والضلال إلى أين لمناطحة الصخور الصماء.. أين فى بلاد الشام فى غزوة مؤتة لمقابلة الروم الى يغبرون من آن لآخر على حدود الدولة الإسلامية.
وأمر سيد البشرية الجيش أن يذهب إلى هناك ليؤدب الروم والقبائل التى والت الروم، وقام المصطفى r بنفسه ليختار قواد الجيش الإسلامى كما فى صحيح البخارى فى كتاب المغازى من حديث ابن عمر أن النبى r أمر على الجيش فى غزوة مؤته زيد بن حارثة.
أسمع للمصطفى حين قال: "إن قتل زيد فجعفر بن أبى طالب".. ما ينطق عن الهوى .. " فإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة"() وانطلق الجيش وحينما وصل الجيش الإسلامى الذى لا يزيد على ثلاثة آلاف مقاتل حينما وصل الجيش الإسلامى إلى
أرض المعركة.
وجد الجيش نفسه أمام جيش جراز يزيد على مائة ألف مقاتل فتردد الصحابة فى القتال. فقال الشهيد الطيار صاحب السرير الذهبى الشاعر الشهيد عبد الله بن رواحة القائد الثالث لما رأى الصحابة قد ترددوا لهذه الكثرة المرعبة فى جيش الروم، فقال كلمات حركت القلوب ماذا قال عبد الله بن رواحه قال: يا قوم والله إن التى تكرهون التى خرجتم تطلبون – إنها الشهادة وما نقاتل عدونا بعتاد وعدد، وإنما نقاتل عدونا بهذا الدين الذى أكرمنا الله به، فانطلقوا فإنها إحدى الحسنيين إما نصر وإما شهادة.
فانطلق الجيش وتلاحم الجيش الإسلامى مع جيش جرار رهيب يزيد على مائة ألف فارس، ودارت معركة رهيبة وتتابع سقوط الشهداء، وقتل القائد الأول كما أخبر الصادق الذى لا ينطق عن الهوى قتل زيد بن حارثة، وقبل ان يسقط اللواء التقطه جعفر بن أبى طالب، ولكن الروم كثرة فقطع الروم يمين جعفر فالتقط اللواء بشماله، فقطعوا شماله فالتقط اللواء وضمه بعضديه حتى لا يسقط فطعنوه فى صدره، فسقط اللواء وسقط خيار الشهداء.
لكن عبد الله بن رواحة التقط اللواء من على الأرض سريعاً ورفعه عالياً. وراح ليذكر نفسه وإخوانة بالجنة، ولكنه قتل هو الآخر، وسقط اللواء للمرة الثالثة، فأسرع على اللواء صحابى جليل مبارك إنه ثابت بن أقرم رضى الله عنه وأرضاه، فالتقط اللواء من على الأرض، وظل ينادى: يا أبا سليمان يا أبا سليمان .. من أبو سليمان غنه الفارس العنيد، إنه البطل الرشيد إنه خالد ابن الوليد: يا أبا سليمان خذ اللواء انظروا إلى أدب خالد وتواضعه قال: لا . أنت أحق به منى يا ثابت فأنت أقدم إسلاماً، وقد شهدت بدراً مع رسول الله حتى فى هذه اللحظات يعرف أهل الفضل لذوى الفضل فى ساحة الوغى، وميدان البطولة والشرف وحينما تصمت الألسنة الطويلة وتخطب السيوف والرماح على منابر الرقاب لا ينسى الفضل لأهل الفضل ذر الفضل فيقول خالد: لا. أنت أولى به منى يا ثابت، فأنت أكبر سنا منى وأنت ممن شهد بدراً مع رسول الله.
فقالت ثابت بن أقرم: لا ياخالد، والله ما أخذت اللواء إلا لك فأنت أدرى بالقتال منى ثم صرخ ثابت بن أقرم فى الجيش الإسلامى وقال: أيها المسلمون أتقبلون إمرة خالد بن الوليد، فهتف المسلمون جميعاً على لسان وقلب رجل واحد: اللهم نعم لقد رضينا إمرة خالد بن الوليد، فالتقط اللواء خالد بن الوليد واعتلى العبقرى جواده ورفع اللواء بيمينه إلى الإمام كأنما يفتح أبواباً مؤصدة مغلقة آن لها يإذن الله أن تفتح، وفى سرعة خاطفة فى ظلام الليل فعل خالد بن الوليد العجب العجاب.
لقد تولى خالد إمرة الجيش بعدما تحدد مصير المعركة بالفعل قتل القادة الثلاثة وانتهت المعركة يقيناً. وكانت المفاجأة المذهلة والكرامة الكريمة التى تنتظر عظيماً ليحققها هى أن يوقف الخسائر المذهلة فى الجيش الإسلامى، وأن يؤمن انسحاباً لأفراد الجيش بلغة العسكرين هذا قمة النصر.
وفى ظلام الليل اعتلى العبقرى بجواده ربوة عالية وألقى بعينين ثاقبتين كعينى الصقر نظرة فاحصة سريعة على أرض الميدان وعاد ليغير الموقف بأكمله فجعل الميمنة فى الجيش فى الميسرة وجعل الميسرة فى الميمنة وجعل المقدمة فى المؤخرة وقدم الساقة أى: المؤخرة إلى المقدمة، وغير الأعلام وأمر طائفة أخرى من الجيش أن تتأخر فإذا بزغ نور الصباح أمرها أن تثير غباراً وتراباً، ليتصاعد الغبار إلى عنان السماء وأمرهم أن يحدثوا صياحاً وجلبة وضجيجاً وصراخاً فلما بدأت المعركة فى الصباح رأى الروم وجوهاً غير الوجوه وأعلاماً غير الأعلام ورأوا غباراً ملأ السماء يرتفع إلى عنان السماء فظن الروم أن جيشاً ومدداً جديداً قد أتى من المدينة للجيش الإسلامى فقذف الله الرعب فى قلوبهم ففروا من الميدان واستطاع خالد بن الوليد الفارس العنيد أن يفتح ثغرة وسط هذه الكتلة الهائلة من
جيش الروم.
لقد روى البخارى أن خالد بن الوليد تحطم فى هذا اليوم فى يده تسعة أسياف، تسعة اسياف تحطموا فى يد خالد واستطاع هذا العملاق العبقرى أن يفتح ثغرة فى قلب هذا الجيش الرومى الهائل، وأن يؤمن انسحاباً للجيش الإسلامى حتى نجا بفضل الله المؤمنون ثم بعبقرية خالد.
وهنالك فى المدينة قام المصطفى الذى لا ينطق عن الهوى، فلقد أوحى الله عز وجل له ما حدث فوقف المصطفى فى المسجد وعيناه تذرفان بأبى هو وأمى وروحى ونفسى فقال كما فى صحيح البخارى من حديث أنس قال:" أخذ الراية زيد بن حارثة فأصيب وأخذها جعفر بن أبى طالب فأصيب وأخذها عبد الله بن رواحة فأصيب ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم"() .. فسمى المصطفى نصر خالد فتحاً: " ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم" .. يا لها من منقبة عظيمة كريمة جليلة يا له من نيشان يعلقه المصطفى بيده الشريفة الطاهرة على صدر خالد بن الوليد ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم.
وعاد خالد، ليحتل هذه المكانة المرموقة بتزكية المصطفى r له، وبعد أشهر قليلة يخرج النبى r قائداً للجيش الإسلامى ، لفتح مكة ليجعل النبى خالد بن الوليد قائد الميمنة كما كان قائد لميمنة قبل ذلك فى جيش الشرك، ولكنه اليوم قائد الميمنة فى جيش التوحيد بقيادة المصطفى .
وتوفى الحبيب ويتولى الخلافة أبو بكر رضى الله عنه وتهب أعاصير الردة الماكرة المجرمة الخبيثة ويقوم الصديق رضى الله عنه ذلكم الشيخ الجليل الذى ضم فى لحظات قليلة روح الشباب بين إهابه وتحولت محنة الردة بين يديه إلى منحة قام الصديق، ليجيش الجيوش وليعد ألويته بنفسه للقادة لقتال المرتدين فى أقصى الجزيرة فلقد ظهرت فتنة الردة هنا وهناك وهنالك، وقام الصديق للقضاء عليها وحينما أعطى اللواء لكل قائد أتجه نحو خالد فقط وقال الصديق لخالد: يا خالد إنى سمعت رسول الله r يقول: " نعم عبد الله وأخو العشيرة خالد بن الوليد سيف من سيوف الله سله الله على المشركين المنافقين"() .. والحديث رواه أحمد وقال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح ورفع اللواء لخالد وانطلق خالد بن الوليد وبدأت معارك الردة وانطلق خالد من نصر إلى نصر ومن عزة إلى عزة ومن كرامة إلى كرامة حتى اشتعلت نار المعركة الرهيبة ألا وهى معركة اليمامة.
فلقد استطاع الدعى الكذاب مسيلمة أن يهزم عكرمة بن أبى جهل وهو أحد القواد على الجيوش الإسلامية استطاع الكذاب مسيلمة أن يهزم عكرمة بن أبى جهل هزيمة نكراء فأصدر الأوامر خليفة رسول الله r لخالد بن الوليد أن يتجه مسرعاً لقتال مسيلمة، وهنالك جمع خالد بن الوليد الجيوش، وتولى القيادة العامة والتقى مع مسيلمة فى معركة فاصلة حاسمة إنها معركة اليمامة، ودار قتال رهيب رهيب وبالفعل تساقط كثير من قراء القرآن الكريم من أصحاب النبى r وتتابع سقوط الشهداء، واعتلى العبقرى أيضاً بجواده ربوة عالية ثم عاد إلى أرض المعركة مسرعاً فنظم الصفوف وأعاد الترتيب ثم نادى بأعلى صوته فى الجيش: امتازوا اليوم لنعلم بلاء كل حى .. امتازوا اليوم لنعلم بلاء كل حى .. يريد أن يكشفهم أمام أنفسهم وأمام إخوانهم ليبلى كل قائد وكل جندى بأقصى ما يملكة لدين الله.
وبالفعل سرعان ما تساقط جند مسيلمة بالمئات فمن لحظات تساقط المسلمون بالعشرات بل بالمئات كزهور حديقة غناء طوحت بها عاصفة عنيدة شديدة وبعد لحظات بفضل الله ثم بفضل خالد يتساقط جند مسيلمة بالمئات كالذباب الحقير خنقت أنفاسه نفثات مطهر مبيد وحسمت المعركة بفضل الله لخالد، وللمسلمين.
ولم يسترح خالد بن الوليد حتى أصدر الخليفة المبارك أبو بكر أوامره لقائدة المبارك أن ينطلق بعد حروب الردة انطلاقة أخرى كبيرة إلى أين؟ إلى أعظم إمبراطورية فى الشرق إنها إمبراطورية الفرس بقيادة هرمز البطل المغوار والقائد المعروف المحنك، فبدأ خالد بن الوليد معاركه الجديدة فبدأ بالعراق وبدأ المعارك بإرسال الكتب لقادة الألوية الكسروية فى العراق وتوايعها فماذا قال خالد؟
اسمع وتدبر أيها الأخ الحبيب قال خالد: بسم الله الرحمن الرحيم: من خالد بن الوليد إلى مرازبة فارس سلام على من اتبع الهدى وبعد فالحمد لله الذى فض وسلب ملككم، ووهن كيدكم، من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلكم المسلم له ما لنا وعليه ما علينا، فإما أن تسلموا وإما الجزية، وإما الحرب وإلا فوالله لقد جئتكم برجال يحبون الموت كما تحبون الحياة.
ودب الرعب فى قلوب مرازبة فارس لاسم خالد. ولن أفصل فى المعارك فهذا يحتاج إلى خطب طويلة لكن على الجملة أقول: استطاع خالد بن الوليد فى عام واحد أن ينجز ما عجز الرومان أن ينجزوه مع الفرس فى أجيال سأكرر لمن اراد أن يراجع التاريخ اقول: استطاع خالد بن الوليد فى عام واحد ان ينجز ما عجز الرومان أن ينجزوه مع الفرس فى أجيال فلقد دخل خالد مع الفرس خمس عشرة موقعة لم يهزم فى موقعة واحدة بفضل الله وكان من أخطر هذه المواقع التى خاضها خالد مع الفرس موقعة ذات السلاسل وسميت بذات السلاسل، لأن الفرس من الأبطال كانوا يقيدون أنفسهم بالسلاسل خشية أن يفروا من الميدان تحت ضربات خالد الساحقة.
وأنتهت الموقعة بفضل الله بنصر كبير جديد لخالد وللجيش الإسلامى وبهزيمة منكرة لجيوش كسرى ستعجبون أن الخليفة الراشد أبا بكر رضى الله عنه وارضاه فى هذا التوقيت الذى أمر فيه خالد بن الوليد أن ينطلق إلى الإمبراطورية الفارسية كان قد أعد جيوشاً أخرى لمقاتلة الإمبراطورية الرومانية فى بلاد الشام لقتال الروم يا له من عجب!
انظروا إلى الرجال الذين ما عاشوا من أجل العروش والكروش والفروج وعاشوا من أجل الكراسى الزائلة والمناصب الفانية بل عاشوا من أجل الله ودين الله يرسل جيوشاً أخرى فى الوقت ذاته، لقتال الروم، لقتال الإمبراطورية الرومانية فى بلاد الشام، وقام الصديق بنفسه أيضاً ليختار قادة هذه الجيوش فاختار أبا عبيدة بن الجراح وجعل القيادة العامة فى يده واختار عكرمة بن أبى جهل، ويزيد بن أبى سفيان وعمرو بن العاص وجعل القيادة العامة لأمين الأمة أبى عبيدة رضى الله عنه وأرضاه ولكن الجيش المسلم حينما وصل إلى حدود الشام وسمع إمبراطور الشام أنه قد أرسل جيشاً لملاقاته غضب امبراطور الروم غضباً شديداً وقال كلمة خطيرة قال: والله لأشغلن أبا بكر عن أن يورد بعد ذلك خيله إلى أرضنا .. والله لأشغلن أبا بكر عن أن يورد بعد ذلك خيله إلى أرضنا.
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} سورة النساء: 1
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} سورة الأحزاب: 70 ، 71.
أما بعد .. فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد r وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة فى النار، ثم أما بعد: فحياكم الله أيها الأخوة الفضلاء وأيتها الأخوات الفضليات وطبتم جميعاً وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلاً، وأسأل الله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجمعنا فى هذه الدنيا دائماً وأبدا على طاعته أن يجمعنا فى الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى فى جنته ودار مقامته إنه ولى ذلك والقادر عليه. آه يا مسلمون.
آه يا مسلمون ! متنا قرونا
أى شئ فى عالم الغاب نحن
نحن لحم للوحش والطير منا
وعلى المحصنات تبكى البواكى
قد هوينا لما هوت
واقتلعنا الإيمان فاسودت
وإذا الجذر مات فى باطن الأرض
والمحاق الأعمى يليه محاق
آدميون أم نعاج تساق
الجثث الحمر والدم الدفاق
يا لعرض الإسلام كيف يراق
واعدوا من الردى ترياق
الدنيا علينا واسودت الأعماق
تموت الأغصان والأوراق
آه يا مسلمون
القدس تباد والعالم
القدس تباد والعالم
القدس من دولة المجد عثمـ
القدس من قلب مكة بالتو
تركوها وما حولها كلاب اليهود
تركوها وحولها من كلاب اليهود
قدمتها للصلبان لليهود قربانا
والله لو فعلنا باليهود ما فعلوه
قد حفظنا للمرة الألف عنكم
كله خسة وخيانة ونفاق
كله خسة وخيانة ونفاق
ان أبوها والفاتح العملاق
حيد يعلو لواؤها الخفاق
طوقا من خلفه أطواق
طوقا من خلفه أطواق
قربانا .. ولليهود كلهم عشاقا
لرأينا مثل الذى رآه العراق
عالم الغاب ما له ميثاق
واقع ينزف طفل لا يعلم أين ذهب أبوه ولا أين ذهبت أمه ولا أين ذهب إخوانه طفل فى الثانية من عمره ينظر إلى السماء التى حولها السلاح الأمريكي إلى نهار مضئ فهو يتساءل ما هذه الأنوار فى سماء الليل المظلم؟
من الذى حول مساء فلسطين المظلمة إلى نهار مشرق، النيران المتأججة المتوهجة وهو لا يدرى أن الصواريخ والطائرات والدبابات قد حولت هذا الظلام الدامس بنيران متأججة. ثم ينظر فيرى أشلاء أمه تتناثر، ويري أشلاء أبيه تتمزق ويرى دماء إخوانه تسيل فى كل واد، فيخرج الطفل مذعوراً مفزوعاً يخرج إلى الشوارع والطرقات فيري جندياً يهودياً يقابله بهذا المدفع الرشاش، أو بهذه الدبابة بل بأعداد من الدبابات!!
لا أقول: انبعثت رائحة جثث إخواننا من الشهداء أسأل الله أن يتقبلهم عنده فى الشهداء بل انبعثت رائحة الخيانة من أين؟ من تحت الانقاض من المقابر الجماعية ذات الصنع اليهودى المحكم.
لن تستطيع قوة أن تحصر عدد القتلى أو عدد الشهداء فلقد دفنت الجثث بصورة جماعية فى مقابر جماعية، وهالوا على هذه الجثث الزكية التراب من الرجال والنساء والأطفال فأحببت فى ظل هذا الواقع المر الأليم أن أذكر بهذا الذى جعله المصطفى ذروة سنام الإسلام، حيث قال لمعاذ بن جبل كما فى سنن الترمذى بسند صحيح: " ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه". قال بلى يا رسول الله قا المصطفى:" رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد فى سبيل الله"() أحببت أن أذكر بهذا الشرف شبابنا وأولادنا وأمتنا وأنا أؤكد لحضراتكم بأنه لا يوجد شر محض كما ذكرت فى دروس العقيدة شاء الله بهذه الفتنة فى هذه الأيام حينما دخل المجرم شارون المسجد الأقصى شاء الله بهذا الحدث أن تعلم الأمة كلها حقيقة اليهود وشاء الله بهذا الحدث أن بذكر علماء الأمة بإجرام اليهود وأن يبينوا عقيدة الولاء والبراء وأن يذكروا من جديد بالجهاد فى سبيل الله.
أسأل الله أن يرفع علمه إنه ولى ذلك ومولاه
تعالوا لنعيش اليوم مع علم من اعلام الجهاد إنه عالم وحده فى فن القيادة وإدارة الحروب إنه قائد المجاهدين وأستاذ فن الحروب والميادين الفاتك بالمسلمين يوم أحد، والفاتك بأعداء الإسلام بقية الأيام، إنه فارس الإسلام والمسلمين إنه سيف من سيوف رب العالمين بشهادة سيد المرسلين، إنه ترياق وساوس الشياطين بشهادة الصديق الأمين إنه الفارس الرشيد، إنه البطل العنيد إنه خالد ابن الوليد.
ماذا يعرف شبابنا عن خالد؟ بل وماذا تعرف الأمة عن خالد فى زمن تعلم فيه أولادنا وأبناؤنا فى الجامعات تاريخ الأقزام بل وتاريخ المجرمين، فأولادنا الآن يعرفون بسمارك ويعرفون ستالين ويعرفون هتلر ويعرفون لينين ويعرفون شارون ويعرفون كل المجرمين من القادة الخبثاء.
فماذا يعرف شبابنا عن قائد القادة وأستاذ فن الحروب الذى وقف القادة أمام مورد خالد الخالد لينهلوا منه فن القيادة وإدارة الحروب ماذا يعرف شبابنا عن خالد فى زمن يتربى فيه أولادنا على سير الساقطين وأحوال الهابطين ممن يقدمون الآن لأولادنا ليكونوا القدوة والمثال.
خالد بن الوليد نشأ فى بيئة غنية مترفة فلك أن تعلم أيها الأخ الفاضل أن والد خالد هو الوليد بن المغيرة الذى كان أغنى أبناء زمانه بلا نزاع فهو الذى توعده الله فى قرآنه بسورة المدثر بقوله: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَّمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا * وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا * {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} (11 ، 17) سورة المدثر
إلى أخر الآيات من هذا الرجل إنه والد خالد بن الوليد، الوليد بن المغيرة فى هذه البيئة الغنية نشأ خالد لكنه راض وعود نفسه على الرجولة والفروسية والخشونة والبطولة، فكان يترك هذه البيئة، ليركب فرسه وجواده ليشق به الوديان وليصعد به الجبال والقمم حتى صار فارساً لا يشق له غبار إلا أنه فى الوقت ذاته ورث الكره الشديد للإسلام عن أبيه فخالد هو قائد الميمنة فى غزوة أحد هو الذى باغت الرماة الذين خالفوا أمر رسول الله r مباغتة أذهلتهم بل وأذهلت المسلمين بل وتشتت الجمع والشمل وتحول النصر إلى هزيمة حتى جرح المصطفى وشق وجهه وكسرت رباعيته ودخلت حلقات المغفر فى وجهه الشريف r .
جديداً مع المصطفى وأصحابه فى المدينة وانظر إلى فضل الله على خالد بعد ثلاثة أشهر فقط، أو أقل يخرج خالد بن الوليد للمرة الأولى جندياً فى كتائب التوحيد والإيمان بعد أن كان من ثلاثة اشهر فقط قائداً من قواد جيش الشرك والضلال إلى أين لمناطحة الصخور الصماء.. أين فى بلاد الشام فى غزوة مؤتة لمقابلة الروم الى يغبرون من آن لآخر على حدود الدولة الإسلامية.
وأمر سيد البشرية الجيش أن يذهب إلى هناك ليؤدب الروم والقبائل التى والت الروم، وقام المصطفى r بنفسه ليختار قواد الجيش الإسلامى كما فى صحيح البخارى فى كتاب المغازى من حديث ابن عمر أن النبى r أمر على الجيش فى غزوة مؤته زيد بن حارثة.
أسمع للمصطفى حين قال: "إن قتل زيد فجعفر بن أبى طالب".. ما ينطق عن الهوى .. " فإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة"() وانطلق الجيش وحينما وصل الجيش الإسلامى الذى لا يزيد على ثلاثة آلاف مقاتل حينما وصل الجيش الإسلامى إلى
أرض المعركة.
وجد الجيش نفسه أمام جيش جراز يزيد على مائة ألف مقاتل فتردد الصحابة فى القتال. فقال الشهيد الطيار صاحب السرير الذهبى الشاعر الشهيد عبد الله بن رواحة القائد الثالث لما رأى الصحابة قد ترددوا لهذه الكثرة المرعبة فى جيش الروم، فقال كلمات حركت القلوب ماذا قال عبد الله بن رواحه قال: يا قوم والله إن التى تكرهون التى خرجتم تطلبون – إنها الشهادة وما نقاتل عدونا بعتاد وعدد، وإنما نقاتل عدونا بهذا الدين الذى أكرمنا الله به، فانطلقوا فإنها إحدى الحسنيين إما نصر وإما شهادة.
فانطلق الجيش وتلاحم الجيش الإسلامى مع جيش جرار رهيب يزيد على مائة ألف فارس، ودارت معركة رهيبة وتتابع سقوط الشهداء، وقتل القائد الأول كما أخبر الصادق الذى لا ينطق عن الهوى قتل زيد بن حارثة، وقبل ان يسقط اللواء التقطه جعفر بن أبى طالب، ولكن الروم كثرة فقطع الروم يمين جعفر فالتقط اللواء بشماله، فقطعوا شماله فالتقط اللواء وضمه بعضديه حتى لا يسقط فطعنوه فى صدره، فسقط اللواء وسقط خيار الشهداء.
لكن عبد الله بن رواحة التقط اللواء من على الأرض سريعاً ورفعه عالياً. وراح ليذكر نفسه وإخوانة بالجنة، ولكنه قتل هو الآخر، وسقط اللواء للمرة الثالثة، فأسرع على اللواء صحابى جليل مبارك إنه ثابت بن أقرم رضى الله عنه وأرضاه، فالتقط اللواء من على الأرض، وظل ينادى: يا أبا سليمان يا أبا سليمان .. من أبو سليمان غنه الفارس العنيد، إنه البطل الرشيد إنه خالد ابن الوليد: يا أبا سليمان خذ اللواء انظروا إلى أدب خالد وتواضعه قال: لا . أنت أحق به منى يا ثابت فأنت أقدم إسلاماً، وقد شهدت بدراً مع رسول الله حتى فى هذه اللحظات يعرف أهل الفضل لذوى الفضل فى ساحة الوغى، وميدان البطولة والشرف وحينما تصمت الألسنة الطويلة وتخطب السيوف والرماح على منابر الرقاب لا ينسى الفضل لأهل الفضل ذر الفضل فيقول خالد: لا. أنت أولى به منى يا ثابت، فأنت أكبر سنا منى وأنت ممن شهد بدراً مع رسول الله.
فقالت ثابت بن أقرم: لا ياخالد، والله ما أخذت اللواء إلا لك فأنت أدرى بالقتال منى ثم صرخ ثابت بن أقرم فى الجيش الإسلامى وقال: أيها المسلمون أتقبلون إمرة خالد بن الوليد، فهتف المسلمون جميعاً على لسان وقلب رجل واحد: اللهم نعم لقد رضينا إمرة خالد بن الوليد، فالتقط اللواء خالد بن الوليد واعتلى العبقرى جواده ورفع اللواء بيمينه إلى الإمام كأنما يفتح أبواباً مؤصدة مغلقة آن لها يإذن الله أن تفتح، وفى سرعة خاطفة فى ظلام الليل فعل خالد بن الوليد العجب العجاب.
لقد تولى خالد إمرة الجيش بعدما تحدد مصير المعركة بالفعل قتل القادة الثلاثة وانتهت المعركة يقيناً. وكانت المفاجأة المذهلة والكرامة الكريمة التى تنتظر عظيماً ليحققها هى أن يوقف الخسائر المذهلة فى الجيش الإسلامى، وأن يؤمن انسحاباً لأفراد الجيش بلغة العسكرين هذا قمة النصر.
وفى ظلام الليل اعتلى العبقرى بجواده ربوة عالية وألقى بعينين ثاقبتين كعينى الصقر نظرة فاحصة سريعة على أرض الميدان وعاد ليغير الموقف بأكمله فجعل الميمنة فى الجيش فى الميسرة وجعل الميسرة فى الميمنة وجعل المقدمة فى المؤخرة وقدم الساقة أى: المؤخرة إلى المقدمة، وغير الأعلام وأمر طائفة أخرى من الجيش أن تتأخر فإذا بزغ نور الصباح أمرها أن تثير غباراً وتراباً، ليتصاعد الغبار إلى عنان السماء وأمرهم أن يحدثوا صياحاً وجلبة وضجيجاً وصراخاً فلما بدأت المعركة فى الصباح رأى الروم وجوهاً غير الوجوه وأعلاماً غير الأعلام ورأوا غباراً ملأ السماء يرتفع إلى عنان السماء فظن الروم أن جيشاً ومدداً جديداً قد أتى من المدينة للجيش الإسلامى فقذف الله الرعب فى قلوبهم ففروا من الميدان واستطاع خالد بن الوليد الفارس العنيد أن يفتح ثغرة وسط هذه الكتلة الهائلة من
جيش الروم.
لقد روى البخارى أن خالد بن الوليد تحطم فى هذا اليوم فى يده تسعة أسياف، تسعة اسياف تحطموا فى يد خالد واستطاع هذا العملاق العبقرى أن يفتح ثغرة فى قلب هذا الجيش الرومى الهائل، وأن يؤمن انسحاباً للجيش الإسلامى حتى نجا بفضل الله المؤمنون ثم بعبقرية خالد.
وهنالك فى المدينة قام المصطفى الذى لا ينطق عن الهوى، فلقد أوحى الله عز وجل له ما حدث فوقف المصطفى فى المسجد وعيناه تذرفان بأبى هو وأمى وروحى ونفسى فقال كما فى صحيح البخارى من حديث أنس قال:" أخذ الراية زيد بن حارثة فأصيب وأخذها جعفر بن أبى طالب فأصيب وأخذها عبد الله بن رواحة فأصيب ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم"() .. فسمى المصطفى نصر خالد فتحاً: " ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم" .. يا لها من منقبة عظيمة كريمة جليلة يا له من نيشان يعلقه المصطفى بيده الشريفة الطاهرة على صدر خالد بن الوليد ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم.
وعاد خالد، ليحتل هذه المكانة المرموقة بتزكية المصطفى r له، وبعد أشهر قليلة يخرج النبى r قائداً للجيش الإسلامى ، لفتح مكة ليجعل النبى خالد بن الوليد قائد الميمنة كما كان قائد لميمنة قبل ذلك فى جيش الشرك، ولكنه اليوم قائد الميمنة فى جيش التوحيد بقيادة المصطفى .
وتوفى الحبيب ويتولى الخلافة أبو بكر رضى الله عنه وتهب أعاصير الردة الماكرة المجرمة الخبيثة ويقوم الصديق رضى الله عنه ذلكم الشيخ الجليل الذى ضم فى لحظات قليلة روح الشباب بين إهابه وتحولت محنة الردة بين يديه إلى منحة قام الصديق، ليجيش الجيوش وليعد ألويته بنفسه للقادة لقتال المرتدين فى أقصى الجزيرة فلقد ظهرت فتنة الردة هنا وهناك وهنالك، وقام الصديق للقضاء عليها وحينما أعطى اللواء لكل قائد أتجه نحو خالد فقط وقال الصديق لخالد: يا خالد إنى سمعت رسول الله r يقول: " نعم عبد الله وأخو العشيرة خالد بن الوليد سيف من سيوف الله سله الله على المشركين المنافقين"() .. والحديث رواه أحمد وقال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح ورفع اللواء لخالد وانطلق خالد بن الوليد وبدأت معارك الردة وانطلق خالد من نصر إلى نصر ومن عزة إلى عزة ومن كرامة إلى كرامة حتى اشتعلت نار المعركة الرهيبة ألا وهى معركة اليمامة.
فلقد استطاع الدعى الكذاب مسيلمة أن يهزم عكرمة بن أبى جهل وهو أحد القواد على الجيوش الإسلامية استطاع الكذاب مسيلمة أن يهزم عكرمة بن أبى جهل هزيمة نكراء فأصدر الأوامر خليفة رسول الله r لخالد بن الوليد أن يتجه مسرعاً لقتال مسيلمة، وهنالك جمع خالد بن الوليد الجيوش، وتولى القيادة العامة والتقى مع مسيلمة فى معركة فاصلة حاسمة إنها معركة اليمامة، ودار قتال رهيب رهيب وبالفعل تساقط كثير من قراء القرآن الكريم من أصحاب النبى r وتتابع سقوط الشهداء، واعتلى العبقرى أيضاً بجواده ربوة عالية ثم عاد إلى أرض المعركة مسرعاً فنظم الصفوف وأعاد الترتيب ثم نادى بأعلى صوته فى الجيش: امتازوا اليوم لنعلم بلاء كل حى .. امتازوا اليوم لنعلم بلاء كل حى .. يريد أن يكشفهم أمام أنفسهم وأمام إخوانهم ليبلى كل قائد وكل جندى بأقصى ما يملكة لدين الله.
وبالفعل سرعان ما تساقط جند مسيلمة بالمئات فمن لحظات تساقط المسلمون بالعشرات بل بالمئات كزهور حديقة غناء طوحت بها عاصفة عنيدة شديدة وبعد لحظات بفضل الله ثم بفضل خالد يتساقط جند مسيلمة بالمئات كالذباب الحقير خنقت أنفاسه نفثات مطهر مبيد وحسمت المعركة بفضل الله لخالد، وللمسلمين.
ولم يسترح خالد بن الوليد حتى أصدر الخليفة المبارك أبو بكر أوامره لقائدة المبارك أن ينطلق بعد حروب الردة انطلاقة أخرى كبيرة إلى أين؟ إلى أعظم إمبراطورية فى الشرق إنها إمبراطورية الفرس بقيادة هرمز البطل المغوار والقائد المعروف المحنك، فبدأ خالد بن الوليد معاركه الجديدة فبدأ بالعراق وبدأ المعارك بإرسال الكتب لقادة الألوية الكسروية فى العراق وتوايعها فماذا قال خالد؟
اسمع وتدبر أيها الأخ الحبيب قال خالد: بسم الله الرحمن الرحيم: من خالد بن الوليد إلى مرازبة فارس سلام على من اتبع الهدى وبعد فالحمد لله الذى فض وسلب ملككم، ووهن كيدكم، من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلكم المسلم له ما لنا وعليه ما علينا، فإما أن تسلموا وإما الجزية، وإما الحرب وإلا فوالله لقد جئتكم برجال يحبون الموت كما تحبون الحياة.
ودب الرعب فى قلوب مرازبة فارس لاسم خالد. ولن أفصل فى المعارك فهذا يحتاج إلى خطب طويلة لكن على الجملة أقول: استطاع خالد بن الوليد فى عام واحد أن ينجز ما عجز الرومان أن ينجزوه مع الفرس فى أجيال سأكرر لمن اراد أن يراجع التاريخ اقول: استطاع خالد بن الوليد فى عام واحد ان ينجز ما عجز الرومان أن ينجزوه مع الفرس فى أجيال فلقد دخل خالد مع الفرس خمس عشرة موقعة لم يهزم فى موقعة واحدة بفضل الله وكان من أخطر هذه المواقع التى خاضها خالد مع الفرس موقعة ذات السلاسل وسميت بذات السلاسل، لأن الفرس من الأبطال كانوا يقيدون أنفسهم بالسلاسل خشية أن يفروا من الميدان تحت ضربات خالد الساحقة.
وأنتهت الموقعة بفضل الله بنصر كبير جديد لخالد وللجيش الإسلامى وبهزيمة منكرة لجيوش كسرى ستعجبون أن الخليفة الراشد أبا بكر رضى الله عنه وارضاه فى هذا التوقيت الذى أمر فيه خالد بن الوليد أن ينطلق إلى الإمبراطورية الفارسية كان قد أعد جيوشاً أخرى لمقاتلة الإمبراطورية الرومانية فى بلاد الشام لقتال الروم يا له من عجب!
انظروا إلى الرجال الذين ما عاشوا من أجل العروش والكروش والفروج وعاشوا من أجل الكراسى الزائلة والمناصب الفانية بل عاشوا من أجل الله ودين الله يرسل جيوشاً أخرى فى الوقت ذاته، لقتال الروم، لقتال الإمبراطورية الرومانية فى بلاد الشام، وقام الصديق بنفسه أيضاً ليختار قادة هذه الجيوش فاختار أبا عبيدة بن الجراح وجعل القيادة العامة فى يده واختار عكرمة بن أبى جهل، ويزيد بن أبى سفيان وعمرو بن العاص وجعل القيادة العامة لأمين الأمة أبى عبيدة رضى الله عنه وأرضاه ولكن الجيش المسلم حينما وصل إلى حدود الشام وسمع إمبراطور الشام أنه قد أرسل جيشاً لملاقاته غضب امبراطور الروم غضباً شديداً وقال كلمة خطيرة قال: والله لأشغلن أبا بكر عن أن يورد بعد ذلك خيله إلى أرضنا .. والله لأشغلن أبا بكر عن أن يورد بعد ذلك خيله إلى أرضنا.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى